تُعد الرؤية عمليةً معقدةً جداً تتداخل فيها عدة عوامل مختلفة، وذلك لتتم على أكمل وجه ومن دون أي مشاكل، ومن أهم هذه العوامل عضلات العين التي تعمل بشكل متناغم لتحريك العينين في مختلف الاتجاهات؛ ولذلك فإن أي اضطراب يصيب هذه العضلات سيؤثر بشكل مباشر على حركات العين وبالتالي على الرؤية، ويُعد فحص حركات العين الذي يجريه طبيب العيون الوسيلة المثلى للكشف عن هذه الاضطرابات بشكل مبكر.
نضع بين أيديكم هذا المقال الذي يتحدث عن فحص حركات العين وكيفية إجرائه، بالإضافة إلى الحديث عن بعض الأمراض التي تؤثر على حركات العين.
ما هي حركات العين الطبيعية؟
هناك أربعة أنواع أساسية من حركات العين الطبيعية لكل منها وظيفة معينة وهي:
-
حركات العين السكادية (Saccade):
عبارة عن حركات مفاجئة وسريعة للعينين، وتُعد الحركات الصغيرة التي تحدث أثناء القراءة، أو الحركات الكبيرة التي تحدث أثناء التحديق حول الغرفة مثالاً عن الحركات السكادية السريعة.
حركة العين السريعة تحدث بشكل انعكاسي (لا يمكن التحكم بها) عندما تكون العينان مفتوحتين، كما تحدث أثناء المرحلة العميقة من النوم التي تسمى مرحلة حركات العين السريعة (Rapid eye Movement) أو الريم (REM) اختصاراً.
-
حركات العين البسيطة:
تتبع حركة العين هنا الجسم المتحرك المراد رؤيته وتُعد حركات بطيئة، وتُعتبر إرادية إذ يتحكم بها المخ.
-
حركات العين المتزامنة:
مثل تقارب أو تباعد العينين، وظيفتها تحريك العينين بشكل متزامن عند النظر إلى أهداف تقع على مسافات مختلفة.
-
حركات العين الدهليزية:
هذه الحركات تؤمن استقرار العين بالنسبة للعالم الخارجي، إذ تتفاعل العين مع حركات الرأس في مختلف الاتجاهات مع إبقاء التركيز على الجسم المراد رؤيته، وتُعد هذه الحركات استجابة انعكاسية (لا يمكن التحكم بها) تمنع صورة الأجسام التي ننظر إليها من “الانزلاق” بعيداً عن سطح الشبكية عند تحريك الرأس، وبالتالي رؤيتها حتى عندما يتحرك الرأس بعيداً عنها.
ويُمكن رؤية هذه الحركات عن طريق تركيز النظر على جسم ما وتحريك الرأس من جانب إلى آخر، فتتفاعل العينان تلقائيًا مع حركة الرأس وذلك بالتحرك نفس المسافة ولكن في الاتجاه المعاكس، وبالتالي الحفاظ على صورة الجسم في نفس المكان تقريبًا على شبكية العين.
ما هو فحص حركات العين؟
فحص حركات العين هو اختبار يقوم طبيب العيون بإجرائه للتحقق من صحة حركات العين، ويتم على النحو التالي:
- سيطلب منك الطبيب الجلوس أو الوقوف مع رفع رأسك للأعلى والنظر للأمام بشكل مستقيم.
- سيحمل الطبيب قلمًا أو أي أداة على بُعد حوالي 16 بوصة أو 40 سم أمام وجهك.
- سيقوم الطبيب بعد ذلك بتحريك القلم في عدة اتجاهات ويطلب منك متابعته بعينيك من دون تحريك رأسك.
يمكن أيضًا إجراء اختبار يُسمى اختبار التغطية والكشف، إذ:
- ستنظر إلى جسم بعيد وسيغطي الطبيب الذي يُجري الاختبار لك عينًا واحدة، ثم بعد بضع ثوانٍ يكشف عنها الغطاء.
- سيطلب الطبيب منك الاستمرار في النظر إلى الجسم البعيد.
- كيفية حركة العين بعد الكشف عنها قد تدل على مشاكل معينة.
- يتم إجراء الاختبار لكل عين على حدة.
يوجد أيضاً اختبار مماثل للاختبار السابق يُسمى اختبار الغطاء المتبدل إذ:
- ستنظر إلى جسم بعيد وسيغطي الطبيب لك عينًا واحدة، وبعد بضع ثوانٍ، سينقل الطبيب الغطاء إلى العين الأخرى.
- ثم بعد بضع ثوانٍ أخرى، سيقوم الطبيب بنقلها مرة أخرى إلى العين الأولى، ويكرر الطبيب هذه العملية 3 إلى 4 مرات.
- ستستمر في النظر إلى نفس الجسم بغض النظر عن العين المغطاة.
فحص حركات العين بأنواعه يُعد اختباراً بسيطاً جداً لا يحتاج أي تحضير، ولا يحمل أي مخاطر عند إجرائه، وهو يُعد جزءاً من الفحص الشامل للعين.
ما الأمراض التي يمكن أن يكشفها فحص حركات العين؟
عندما تنظر إلى شيء ما، فأنت تستخدم عدة عضلات لتحريك كلتا العينين للتركيز عليه، ولكن إذا كنت تعاني من مشكلة تؤثر على عضلات العين فإن العيون لن تستطيع أن تعمل بشكل صحيح.
هناك العديد من الاضطرابات التي تؤثر على حركات العين، من أهمها:
-
الحَوَل:
اضطراب لا تتحرك فيه العينان في نفس الاتجاه، وينتج عن هذه الحالة عيون متقاطعة أو عيون متباعدة.
-
الرأرأة (Nystagmus):
يحدث فيها حركات عين سريعة لا يمكن السيطرة عليها، وتُسمى أحيانًا “العيون الراقصة”.
-
شلل الحركات الأفقية:
يحدث شلل الحركات الأفقية عادةً بسبب مشكلة في الدماغ، عادةً ما يكون المرضى الذين يعانون من شلل الحركات الأفقية غير قادرين على تحريك أي من العينين بعيداً عن خط الوسط، وتنحرف العيون دائماً باتجاه جانب واحد، ولذلك يضطر المرضى أن يديروا رؤوسهم نحو الجسم المراد رؤيته.
-
شلل الحركات العمودية:
له أسباب متعددة، ويُعد شلل الحركات العمودية إلى الأعلى هو أكثر أنواع شلل الحركات العمودية شيوعًا، يليه شلل في كل من الحركات إلى الأعلى والأسفل معاً، وأخيراً شلل الحركات باتجاه الأسفل وحدها.
يمكن للمريض المصاب بشلل النظر إلى الأعلى تحريك العينين معًا في جميع الاتجاهات، ما عدا الاتجاه العلوي، وعادةً ما يُميل المصاب رأسه للخلف للتعويض عن ذلك.
توجد بعض اضطرابات حركات العين عند الولادة، ويتطور البعض الآخر بمرور الوقت، وقد يترافق مع مشاكل أخرى، أو بعد التعرض لإصابة ما.
ما هو علاج الرأرأة؟
يُمكن أحيانًا تصحيح الرأرأة المكتسبة بمجرد علاج المرض المسبب، على سبيل المثال، إذا كانت الرأرأة ناتجةً عن اضطراب في الأذن الداخلية، فقد تختفي الأعراض بمجرد علاجها.
لا يمكن علاج الأشخاص المصابين بالرأرأة الخلقية بشكل تام، ولكن يُمكن تدبير الأعراض بالعلاج المناسب.
هناك عدد قليل من العلاجات المختلفة المتاحة للرأرأة، ويعتمد العلاج الأفضل بالنسبة لك على سبب حالتك وتاريخك الصحي وتفضيلاتك الشخصية، ومن هذه العلاجات نذكر:
-
النظارات أو العدسات اللاصقة:
تحسين وضوح الرؤية يساهم في إبطاء حركات العين السريعة المرتبطة بالرأرأة، ولذلك من الممكن تخفيف أعراض الرأرأة باستخدام النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة.
-
الأدوية.
-
جراحة عضلات العين:
في حالات نادرة، قد يوصي الطبيب بإجراء جراحة عضلات العين، وخلال هذا الإجراء يقوم الجرّاح بتغيير وضعية العضلات التي تحرك العينين، لكن للأسف لا يعالج هذا النوع من الجراحة الرأرأة بشكل تام، ولكنه يسمح لك بالحفاظ على رأسك في وضع مريح، مما يحد من حركة العين.
-
جراحة تصحيح النظر:
إذا كنت مصابًا بالرأرأة وقصر البصر؛ فقد تكون جراحة تصحيح الرؤية بالليزر مثل الليزك مفيدة، فبالرغم من أن جراحة العيون بالليزر لا تعالج الرأرأة، إلا أنها تحسن رؤيتك، ونتيجةً لذلك قد تخفّ أعراض الرأرأة.
متى يجب إجراء فحص حركات العين؟!
يُعد فحص حركات العين جزءاً لا يتجزأ من الفحص الشامل للعين والذي يجب إجراؤه بشكل دوري.
بشكل عام إذا كانت صحتك جيدة ولا تعاني من أي مشاكل في الرؤية يُنصح بأن تزور أخصائي العيون لتقوم بإجراء فحص عين شامل عندما تبلغ عمر 40 عاماً، لأنه غالباً ما تبدأ المشاكل الصحية بالظهور في هذا العمر، وبناءً على نتيجة الفحص يقوم الطبيب بتعيين موعد الفحص القادم والمدة بين كل فحص والفحص الذي يليه.
إذا كنت بعمر 60 عاماً أو أكبر، يُنصح بالقيام بالفحص بشكل دوري كل سنة أو سنتين، ولكن يجب عليك القيام بالفحص بتواتر أكبر إذا كنت:
- ترتدي نظارة أو عدسات طبية.
- يوجد لديك أفراد عائلة أو أقارب مصابون بمرض في العيون أو لديهم مشاكل بالبصر.
- تعاني من مرض مزمن يزيد خطورة أمراض العين كمرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني.
- تقوم بأخذ أدوية قد يكون لها تأثيرات جانبية على العين.
- في حال كنت من أصحاب المهن التي تتطلب جهداً بصرياً كبيراً أو تحمل مخاطر على العينين.
- إذا خضعت من قبل لعملية تصحيح أخطاء الانكسار (LASIK, PRK, SMILE).
ويجب مراجعة الطبيب للقيام بإجراء فحص حركات العين في حال الإحساس بأي أعراض أو مشاكل تؤثر على حركة العينين مهما كانت بسيطة.
وهكذا نرى أن القيام بإجراء فحص حركات العين -وهو فحص بسيط جداً لا يحمل أي مخاطر، ولا يأخذ إلا القليل من الوقت- يمكن أن يكشف عن الإصابة بالعديد من المشاكل التي تؤثر على العين، وبالتالي منح الطبيب فرصة لوضع خطة علاج مناسبة بشكل مبكر وذلك قبل تفاقم المشكلة؛ ولذلك يجب علينا عدم إهمال فحص حركات العين بشكل دوري، وعدم التهاون عند الإحساس بأي مشكلة قد تؤثر على حركات العين والمسارعة بزيارة طبيب العيون لإجراء الفحص.
مدونات ذات صلة :
هل تكلفة زراعة الشعر في تركيا مرتفعة؟
هل يمكن زراعة الأسنان بدون جراحة ؟
مميزات وعيوب ابتسامة المشاهير في تركيا
